Friday, August 1, 2008

صور نادرة وقديمة جدا لمدينة جنين


هذه الصورة تعود لعام 1950



صورة محطة الباصات الحالية في جنين
طبعا متغيرة كتير صح؟


هون بداية شارع جنين- حيفا
وبظهر مقام الطيارين الألمانيين
الذين سقط طائرتهما في مدينة جنين


صورة قديمة جدا جدا



دوار المدينة الرئيسي وشارع الملك فيصل


مقابل حي السيباط القديم



من اقدم الصور على الاطلاق تعود
الى ما قبل عام 1930 وتظهر نمط البيوت
في مدينة جنين قديما وازاء السكان القديمين


منظر عام للبلدة القديمة في جنين



عين نيني (جنين قديما جدا جدا)
ويتضح نمط حياة سكانها القدماء


جنين قبل 50 عاما

صبارين - النهر الجوفي

من صبارين الى عرعره .. والرجوع قريب

جولة إلى صبّارين بحثاُ عن الهليون والهوية

جولة إلى صبّارين بحثاُ عن الهليون والهوية


الهليون (سباراغوس في اسمها العلمي)، بفتح الهاء واللام وضم الياء، نبتة شوكية تكون في صباها غضة طريّة يعمد الفلاحون إلى قطف رؤوسها الغضة ليصنعوا منها عجّة مع البيض، وهي أكلة موصوفة لتقليص نسبة الدهنيات في الدم ولتنشيط الدورة الدموية. وفوائدها في هذا المجال كثيرة لا تدفع، فضلاً عن مذاقها الطيّب الذي يعيد، من كان قد نسي علاقته الحميمة بالأرض، إلى ذلك المذاق العذب الذي لا يجيد وصفه إلا من ذاقه سيراً على مقولة المتصوفة "من ذاق عرف".

ومن سنوات طويلة خلت، يقودنا البحث عن ذاك المذاق الرائع لزيارة قرى ومناطق ذاقت طعم النكبة المر بعد أن درجت سنين طويلة تتجرع، حتى الثمالة، هذا المذاق الذي نحن جادون منذ فترة بالبحث عنه.

بعد ظهر الجمعة الموافق السابع عشر من شباط 2006 ، خرجت مع صديقين أحمدين ( أحمد أبو حسين وأحمد إغبارية ) نبحث عن لحظات وجدانية، نعود من خلالها إلى الجذور متذرعين بجمع عرانيس الهليون وطيّبات أخرى من البقليّات.

كان الجو البارد صباحاً قد أخلى مكانه لسويعات دافئة سطعت فيها الشمس وكشفت عن مفاتن الطبيعة الموغلة بالاخضرار. بعد اجتيازنا لكفر قرع بقليل ميممين شطر الشمال الغربي أطلت على يسارنا أنقاض وخرائب قرية قنير، وإزاء جدلية الموقف بين الطبيعة الأخاذة وأطلال قنير، أطلق صديقي أحمد أبو حسين تنهيدة أتبعها بزفرة وسؤال فيه الكثير من التحدي: لماذا فقدنا هذه البلاد بهذه السهولة ؟ سؤال سيتردد في هذه الجولة ، على لسان أبي يوسف مرات أربع لم أحاول في أي منها الأجابة عن هذا السؤال بشكل مباشر بل عمدت إلى الحديث عن ما نراه وعن الحيّز الذي كان علّه يجد في حديثي ضالته التي يبحث عنها.

بدأت بالحديث عن القرية التي كان تعداد سكانها في نهاية عام 1947 سبعماية نسمة، وعن عيونها والمطحنة التي كانت فيها وعن الجمعية الزراعية ( الأولى من نوعها في قرى منطقة الروحة الإثنتين والثلاثين) التي أنشئت في هذه القرية في بداية الأربعينيات، واستمرت في العمل حتى سقوط القرية في أيدي قوات الهاجاناه في الثاني والعشرين من نيسان 1948.

أقيم على أراضي القرية، عام 1949 ، كيبوتس " رجابيم" وقد اسسه مهاجرون يهود قدموا من الأرجنيتن والولايات المتحدة. علماً بأن بيوت القرية بقيت قائمة بمعظمها حتى عام 1968، حين عمدت السلطات إلى هدم البيوت التي أضحت محجّاً لأصحابها بعد احتلال الضفة الغربية ، حيث جاؤوا إليها من المخيمات التي أقاموا فيها بعد النكبة في نور شمس (طولكرم ) ومخيم جنين. ولم يبق من هذه البيوت إلا بيت خليل القندس الذي كان قد بناه عام 1947 ولم يذق طعم السكنى فيه سوى شهور قليلة ليلجأ إلى قرية برطعة ( البعيدة عن قنير سبعة كم باتجاه الشرق ) ويموت فيها عام 1998.

بعد قنير انعطفنا يمنة وغذينا السير متجهين شمالاً أربعة كيلومترات حيث بلغنا غدير الخضيرة، وهو واد كثير المياه ينبع قرب قرية البويشات في الشمال الشرقي لقرية معاوية ويشكل أحد الروافد المهمة لوادي الزرقاء ونهر التماسيح.

توقفنا هناك هنيهات نبحث عن الهليون والشومر ونعناع البر ولم نجد منها إلا القليل. عقدنا العزم على الاستمرار بالمسير نحو صبّارين فنضرب هناك عدة عصافير بحجر واحد. تجاوزنا بقليل من الهنيهات المستوطنة الصغيرة التي أقامها، عام 1953، بعض اليهود المهاجرين من منطقة كردستان العراقية والتي أطلقوا عليها اسم "عميقام ". في مدخل القرية استقبلتنا مياه متدفقة من جهاتها الأربع جاءت من ست عيون ارتوى منها سكان صبارين الذين ما ذاقوا ماءها منذ ثماني وخمسين سنة وهي عين الحجة، عين الزيوانية(عين البلد) ، عين أبو حلاوة ، عين الفوّار، عين أبو شقير وعين البلاطة.

جئنا القرية من حيث جاءتها فرقة الإيتسيل التي احتلتها في صبيحة يوم الثاني عشر من أيّار 1948. حيث كانت المقبرة على يميننا وبيوت آل الدعمي على شمالنا وأمامنا البيادر وبيوت عائلتي العباهرة والحاج محمود. تلك البيادر التي نقل إليها المزارعون، على الجمال التابعة لبيت الخوجا وأبو لبدة، بواكير محصول الكرسنّة للدراس. ولم يحظ الفلاحون بجني المحصول الذي خططوا لبدء دراسه بعد جفاف الندى وارتفاع الشمس من على جبل المنارة ، أعلى جبال الروحة والذي يصل ارتفاعه إلى 402 م فوق سطح البحر . جاء المهاجمون ولمّا ترتفع الشمس أو يجف الندى. أخذ المهاجمون يحصدون برصاص بنادقهم كل من رأوه يتحرك في ذلك الصباح المتثائب.

وعلى البيادر تحديداً سقط الشهيد الأول: طفل في الرابعة حملته أخته بنت الحادية عشرة فاصابته رصاصة رعناء بلا قلب فتدحرج من حضن أخته التي أصابها الذهول ولم تفلح بعد الحادثة بواحد وخمسين عاماً أن تصف لي ( في مقابلة أجريتها معها عام 1999 في مخيم نور شمس ) تفاصيل ما حدث. ولكن الراوي الحاج معين الدعمة وصف لنا الحادثة وحادثة تلتها مباشرة حيث استشهد خمسة من باعة الزيت الذين كانوا قد قضوا ليلتهم في منزول القرية وكانوا يتأهبون للمغادرة، وفي غمرة تحضيرهم للحمير وأحمال الزيت انهال عليهم رصاص المدافع الرشاشة فقضوا، هم وحميرهم، وتبددت الأحمال وبعض الغلة التي كانوا قد جمعوها، في الليلة السابقة، من زبائنهم.

تم الاستيلاء على القرية، حسب شهادة قائد عملية الهجوم أبراهام بندوري، خلال نصف ساعة بحيث تم قتل 80 من سكان القرية وأسر 300 تم حبسهم والتحقيق معهم لمدة ثلاثة أيام ومن ثم طردهم شرقاً نحو وادي عارة.

عند عين البلد، تفرق ثلاثتنا، أنا وأحمد أبو حسين يممنا شطر أطلال القرية مروراً بعين البلد ومن ثم حارتها المركزية، في حين عكف رفيقنا أحمد إغبارية بالبحث عن الهليون والبقليات وقد أصاب منها الكثير وقد قاسمناه ما جناه منها في نهاية الجولة.

في طريقنا إلى مركز القرية وجدناً نوعاً زاحفاً من الزعتر العطري الذي لم أجد مثيلاً له إلا في جبال كفر اللبد ( قضاء طولكرم) حيث زرت هناك في ربيع 1999 مقر قائد ثورة 1936 -1939، القائد الشهيد عبد الرحيم الحاج محمد.

مررنا في الطريق عن كبّارة البلد ( وهي حفرة كان يشوى ويصنع فيها الشيد)، وعلى جنباتها رأينا الشيد وقد تكلّس وتحجر ولكنه ما زال ينطق بتاريخ كان له، حيث طليت به بيوت عامرة وآهلة كان تحيطه. أخذ رفيقي يتحسس بقايا الشيد بقدميه بينما أصابتني أنا غصّة حين حضرتني اغنية شعبية يقول أحد أبياتها : يا دار ، يا دار ما عدنا كما كنّا: لأطليكي يا دار بعد الشيد بالحنّا.

وصلنا مركز القرية وفي الطريق حدثت رفيقي أن صبّارين كانت أكبر قرى الروحة, فقد كان عدد سكانها كان عشية النكبة 2000 نسمة . وكان فيها مدرسة بثمانية صفوف ومقهى ومجموعة من الدكاكين ومطحنة وسوق أسبوعي، في حين بلغ مسطح أراضيها 34000 دونم. جانب عين الزيوانية أطرق صاحبي مفكراً وأنصت لتدفق المياه منها ثم أعاد عليّ السؤال ذاته مضيفاّ له سؤالاً آخر : أليست هذه من جنات الله على الأرض؟ ثم سرعان ما هالته كثافة شقائق النعمان متوهجة الاحمرار فقال سائلاً أليس هناك مقبرة أخرى للقرية غير التي أشرت إليها؟ ألا تعتقد أن هذه الشقائق تنبت على قبور هي الأخرى؟ لم أعرف ماذا أجيب رفيقي ,كيف أكبح جماح خياله الذي تدفق أسئلة غريبة لاسيّما أن أمسك بشقيقة من شقائق النعمان محاولاً تفسير ارتباطها بمخيلتة بدماء من قبروا تحتها. فترددت، عندها، في سمعي شطرة من أغنية "أخي" لعبد الوهاب والتي صاغها الشاعر المبدع علي محمود طه وكنا قد رددناه في الليلة السابقة في طريقنا إلى مقهى "الشمس المشرقة" حيث يقول فيها" ففتش عن مهجة حرة أبت أن يمر عليها العدا".

أخرجت صديقي من تداعي أفكاره حيث حدثته عن نشاط صبّارين في ثورة 1936 -1939 وعن رئيس فصيلها الثوري إبراهيم الخوجا الذي كان يتبع صبري الحمد عصفور ويوسف أبو درة، كما حدثته بالمقابل عن نشاط سمسرة الأراضي في المنطقة وبيع نسبة ليست بالقليلة من أراضيها.

أشرت لرفيقي على أطلال المسجد الذي أصبح أثراً بعد عين ( كان الإمام فيه يدعى إبراهيم الفيومي من قرية نعانة قضاء الرملة). استزاد رفيقي معلومات إضافية عن سكان القرية وأماكن تواجدهم الأن فقلت له إن معظم سكان القرية (60%) كانوا من أصول مصرية، وأن السواد الأعظم منهم كانوا من المسلمين باستثناء 22 نسمة من النصارى ومن عائلة عوّاد تحديداً ، جاؤوا إليها من معلول ثم عادوا وانضموا بعد النكبة إلى أهل معلول في يافة الناصرة.

أما العائلات الأساسية في القرية فكانت: العباهرة، الحاج محمود، الحطّاب، أبو لبدة ( منهم الوزير الفلسطيني حسن أبو لبدة ) ، الدعمي، أبو سويلم، ابو السمن، الملاح، عناية، الخوجا المصاروة وعبد الهادي. بالنسبة لأماكن تواجدهم فإن معظمهم يتواجد في مخيمات اللاجئين في نور شمس، طولكرم، جنين وإربد ومخيم الفارعة، أما القليل منهم فقد اختار أن يعيش في قرى وادي عارة المجاورة (في أم الفحم حيث تعيش بعض العائلات من عائلة عناية وفي عرعرة حيث يعيش بعض أفراد عائلة الحاج محمود وكذلك في قرية الفريديس).

غادرنا صبّارين والشمس تميل نحو المغيب، فأخذنا نردد مع قيثارة العرب، فيروز، " وغاب نهار آخر "، قصدنا بائع العسل في المستوطنة فوجدنا بابه مغلقاً ولم يدعنا نمتحن شعار "الأرض الفائضة باللبن والعسل" رغم أننا رأينا لدى خروجنا منها أرتالاً من قطعان البقر الهندي وصناديق كثيرة من خلايا النحل

د.مصطفى كبها